التشنجات العصبية نوبات قصيرة ومتكررة من الحركات السريعة القسرية (غير الإرادية)، التي تظهر للمرة الأولى على المرضى في مرحلة الطفولة (قبل الوصول إلى سن الـ18 تقريبًا)، وتستمر إلى ما بعد ذلك فتتداخل مع الأنشطة اليومية ونمط الحياة.
ويعتمد علاج التشنجات العصبية تلك على وسائل علاجية متنوعة، فقد يستعين الأطباء بالعلاجين السلوكي والدوائي، وقد يُقررون اللجوء إلى التدخل الجراحي.
التشنجات العصبية: نوبات غامضة كشف العلماء عن أسبابها المتوقعة
اعتقد الأفراد -خاصةً أولئك من أبناء المنطقة العربية- أن نوبات التشنج العصبي غير الإرادية -بمختلف صورها- تعود إلى مسّ الجان، وهو اعتقاد قائم على الجهل غير مبنٍ على أسباب منطقية.
ورغم غموض الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى ظهور تلك النوبات، فقد رجّح العلماء المختصون أن وجود خلل في مراكز المخ، أو معاناة بعض المشكلات العصبية، أو قصور الدورة الدموية الدماغية، جميعها عوامل خطر أساسية تُسهم في زيادة فرص ظهور النوبات التشنجية.
وما يشير إلى منطقية تلك الفرضيات هو خضوع حركة الجسم لسيطرة عدّة تفاعلات بيولوجية شديدة التعقّد أطرافها: الدماغ والحبل الشوكي والأعصاب الطرفية والعضلات، وعندما تختل تلك التفاعلات أو تعتلّ أحد الأعضاء المسؤولة عن إتمامها على النحو المطلوب، تظهر الحركات التشنجية قسريًا على المرضى، وترغمهم على قطع أنشطتهم اليومية، وتُعيقهم عن عيش حياة ذات نمط طبيعي.
اقرا ايضا عن:
الحركات والأصوات غير إرادية أعراض مميزة للنوبات التشنجية
تتضمن التشنجات العصبية نوعين من الأعراض، فمنها ما يكون في هيئة تشنجات حركية كهزّ الرأس أو تشنج الساقين والذراعين، ومنها ما يتمثل في أصوات غير إرادية يُصدرها المريض، ومن أمثلتها أصوات الصفير أو الشخير.
أعراض التشنج العصبي النفسي.. سوء الحالة النفسية هو سبب ظهورها
إنّ المشكلات العضوية التي يعانيها المخ أو الجهاز العصبي ليست السبب الوحيد الذي يقف وراء إصابة المريض بنوبات التشنج العصبي، فإن اسباب تشنج اصابع القدم أو اسباب تشنج اصابع اليد وتيبّس العضلات والجسم قد ترتبط بالاضطرابات النفسية والنوبات الاكتئابية.
وقد سعى مجموعة من الباحثين المختصين في العلوم العصبية إلى دراسة تأثير الاكتئاب على فرص الإصابة بالتشنجات العصبية ونوبات الصرع، وتوصلّوا إلى أنّ الاكتئاب الشديد يؤدي إلى زيادة احتمالية معاناة الأشخاص نوبات التشنجات العصبية، ويتسبب في تفاقم حدّة النوبات نفسها.
التشنج العصبي وفقدان الوعي
في أثناء رصد الأعراض التي يعانيها مرضى التشنجات العصبية الذين يترددون على عيادات أطباء المخ والأعصاب، تبيّن أنّ بعض النوبات التشنجية (التي تتمثل أعراضها في تشنجات حركية أو صوتية) قد تنتهي بفقدان المريض وعيه لفترة مؤقتة.
وفي مثل هذا الحال ينبغي للمحيطين بالمريض توفير قدر كافٍ من التهوية داخل الغرفة، وملازمته حتى الإفاقة وانتهاء نوبة الإغماء، ويُفضّل نقله إلى الفراش لأجل النوم، فالراحة بعد نوبات التشنج العصبي وفقدان الوعي تجعل المريض أكثر هدوءًا، ولا ننسى التأكيد على ضرورة استئشارة طبيب المخ والأعصاب لتشخيص سبب الإغماء والتشنجات.
اطلع على ضيق القناة العصبية
التعامُل الحَذِر والإسعافات الأولية خطوات هامة للحفاظ على سلامة المرضى
تعد الفترة ما بين بداية النوبة التشنجية ونهايتها فترة حرجة تستوجب ملازمة المريض والتعامل معه بحذر شديد كي لا يعاني أي ضرر، وتستلزم -أيضًا- تنفيذ بعض التعليمات من أجل الحفاظ على سلامته، وتشمل تلك التعليمات:
- عدم تجمّع أفراد عدة حول المريض، والتزام الهدوء قدر المستطاع.
- إزالة أي أدوات حادّة من المكان المحيط بالمريض كي لا يضر نفسه.
- دعم رأس المريض بوسادة حتى لا تصطدم بالأرض.
- مُساعدة المريض على التنفس عبر فك أزرار الملابس الموجودة عند منطقة العنق.
وينبغي العلم أن أي محاولات من جانب الأفراد المُحيطين بالمريض لإدخال أي أجسام في فمه، أو تقديم الطعام والشراب له، أو إيقاف حركاته التشنجية وتثبيت جسمه على الأرض، لهي أمور تهدد حياته وتُعرضه للخطر.
موعد بدء النوبات والهيئة التي تظهر عليها: معلومات ضرورية لبناء خطة علاجية سليمة
قبل وضع خطة علاج التشنجات العصبية، يُشخص الطبيب مريضه عبر النظر إلى عدّة عوامل تُساعده على بناء فكرة متكاملة عن الحالة، منها:
- موعد ظهور أول نوبة في حياة المريض.
- معدل تكرار النوبات.
- متوسط المدة الزمنية للنوبة.
- حدة النوبات.
- الهيئة التي تظهر عليها النوبات التشنجية (إذا ما كانت تشنجات حركية أو صوتية تتمثل في إصدار أصوات شخير أو صفير، على سبيل المثال لا الحصر).
وبعد جمع تلك البيانات، يُجري الطبيب فحوصات لتقييم حالة مراكز المخ، تتضمن تصوير الدماغ من خلال فحص أشعة الرنين المغناطيسي (MRI).
اقرا ايضا عن ورم المخ الحميد
وسائل علاج التشنجات العصبية الأكثر أمانًا وفعالية
يهدف علاج التشنجات العصبية -في المقام الأول- إلى الحد من شدّة النوبات التشنجية ومعدل حدوثها، إلى جانب تحسين جودة حياة المريض ومساعدته على ممارسة مهامه اليومية بنمط أقرب ما يكون إلى النمط الطبيعي السليم.
العلاج السلوكي
تًسهم التدخلات الطبية السلوكية في تحسين بعض حالات التشنجات العصبية، ويرتكز ذلك البروتوكول العلاجي على تدريب المريض على التكيّف مع الأعراض والتعامل معها.
أدوية علاج التشنجات العصبية
في حال فشل الوسائل العلاجية المُعتمدة على التدريبات السلوكية، يستعين الطبيب ببعض الأدوية التي تحتوي على مركبات كيميائية تستهدف الحد من النشاط الكهربي للدماغ والسيطرة على أعراض النوبات التشنجية.
التدخلات الجراحية
التدخلات الجراحية حجر أساس قد يستعين به أطباء جراحة المخ والأعصاب عند بناء الخطط العلاجية لنسبة كبيرة من مرضاهم، وهُم يحرصون على إجراء تلك التدخلات بأقل قدر ممكن من الفتح الجراحي العميق عبر الاستعانة بأدوات متناهية الدقة، مثل الميكروسكوبات والمناظير الجراحية من أجل إنجاز خطوات الجراحة دون تعريض المريض للمضاعفات.
ومن أمثلة التدخلات الجراحية التي يُجريها الأطباء من أجل علاج التشنجات العصبية والحد من معدل حدوثها وتحجيم أعراضها:
- زراعة أجهزة تحفيز الدماغ والأعصاب: تتضمن زرع جهاز مُنظم للإشارات الكهربية يَحد من الأعراض التشنجية ويخفض معدل ظهورها.
- استئصال بعض البؤر من الدماغ: في حال كان سبب التشنجات العصبية معاناة الصرع (مرضٌ عصبي يتسبب في اضطراب كهربية الدماغ)، صار اللجوء إلى جراحة استئصال البؤر الصرعية (الجزء الذي تنشأ النوبات منه) خيارًا علاجيًا متاحًا أمام الطبيب -إذا استلزمت الحاجة ذلك-.
- استئصال ورم من الدماغ: في الحالات المرضية التي تكون فيها الأورام الدماغية سببًا لظهور التشنجات، يستأصل الطبيب تلك الأورام جراحيًا عبر الميكروسكوب أو المنظار الجراحي.
- البيئة الواعية عامل رئيس يُسهم في نجاح علاج التشنجات العصبية
إنّ وجود المريض بين أفرادٍ يمتلكون قدرًا كافيًا من الوعي الصحي بطبيعة أعراض التشنج العصبي النفسي أو العضوي أمر يُسهم في تيسير رحلته العلاجية، فإدراكهم أن الحركات التي يفعلها المريض خارجة عن نطاق سيطرته بالكلية يساعدهم على تفهّم مشاعره، والتعاون معه، ومعاملته بهدوء وصبر، وهو ما يعزز حالته النفسية، ويُجنبه التعرّض لأي مخاطر قد تنتج عن عدم الوعي بكيفية التعامل مع أعراض النوبات.
وعلى النقيض، ضعف وعي أفراد أسرة المريض وأصدقائه بماهية تلك النوبات، وتعاملهم معه بعصبية دون حذر، لهي أمور تعرضه للشعور بالانزعاج والضعف، ما قد يدفعه إلى رفض العلاج، خاصّة إن كان طفلًا.
يتخصص الدكتور أحمد كمال -استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري- في علاج التشنجات العصبية مستعينًا بأحدث البروتوكولات المتفق عليها دوليًا التي تناسب علاج مختلف الحالات المرضية، وهو يتبع نهج تشخيصي دقيق يضمن وضع خطة علاجية آمنة وفعالة تُحقق نسب شفاء مرتفعة للمرضى بإذن الله.
ويُجري الدكتور أحمد جراحات المخ والأعصاب والعمود الفقري في مُستشفيات مُكتملة التجهيزات بما يعزز فرص المرضى في الحصول على رعاية طبية متميزة ومتكاملة في أثناء خضوعهم للجراحة في غرف عمليات مطابقة لمعايير الجودة العالمية، وعند إقامتهم في غرف الإفاقة.