قد يُفاجأ بعض المرضى أن الأعراض التي كان يشعر بها ويظن أنها بسبب الإجهاد أو ضغوط الحياة تشير إلى إصابته بأورام المخ الحميدة، مثل الصداع الشديد وفقدان التوازن والقدرة على التركيز وتشوش الرؤية، والتي قد تتطور مع إهمال المريض استشارة الطبيب إلى أعراض أكثر حدة تعيق المريض عن قيامه بأبسط مهامه اليومية.
نتحدث تفصيلًا في هذا المقال عن الأساليب الطبية المتبعة في علاج ورم الدماغ الحميد ونشير إلى أنواعه المختلفة والأعراض المصاحبة لكل نوع والخطة التشخيصية التي يعتمد عليها الأطباء لتحديد النوع والأسلوب العلاجي المناسب.
نبذة عن ورم الدماغ الحميد
ورم الدماغ الحميد هو نمو غير طبيعي وبطيء لخلايا وأنسجة المخ، الأمر الذي يتسبب في تكون كتلة من الخلايا -حسب مكان الورم- تضغط على الأنسجة والخلايا المحيطة بها، مسببةً خللًا في وظائف المخ وقيام تلك الخلايا بمهامها الطبيعية. وذلك مثل الإدراك والحركة والإحساس والتفكير والكلام والذاكرة، وباختلاف مكان الورم وحجمه تتأثر وظيفة معينة من هذه الوظائف.
ويختلف ورم المخ الحميد عن الخبيث في محدودية انتشاره، فهو يصيب جزءًا فقط من خلايا المخ دون أن ينتشر لخلايا أخرى مجاورة، على عكس ورم المخ الخبيث الذي ينتشر بسرعة وشراسة في أجزاء أخرى من المخ أو الجسم بصفة عامة.
نستنتج من ذلك أن خطورة ورم الدماغ الحميد تكمن في تأثيره على كثير من الوظائف الحيوية التي يقوم بها المخ، وبالتالي يؤثر على جودة حياة المريض ويعرضه لكثير من المضاعفات، منها فقدان الحركة والقدرة على الكلام والرؤية بوضوح.
هل تختلف أساليب علاج ورم الدماغ الحميد باختلاف أنواعه؟
قبل الإجابة عن سؤال “هل يختلف علاج ورم الدماغ الحميد باختلاف أنواعه؟” دعونا نلقي نظرة على أنواع ورم الدماغ الحميد.
أنواع ورم الدماغ الحميد
- الورم السحائي
وهو أكثر أنواع أورام المخ شيوعًا، وأكثرها انتشارًا بين النساء عن الرجال، وفيه يحدث نمو غير طبيعي في خلايا السحايا، وهو الغشاء الذي يحيط بالمخ والنخاع الشوكي لحمايتهما.
وقد يُرجع الأطباء الإصابة بأورام السحايا إلى تعرض المريض لجرعات عالية من العلاج الإشعاعي أو وجود تاريخ وراثي للإصابة بالأورام العصبية الليفية.
- ورم العصب السمعي
يؤثر هذا النوع على العصب السمعي الذي ينقل الإشارات العصبية من الأذن الداخلية إلى المخ، والمسؤول عن التوازن أيضًا، فيكون غير قادر على القيام بوظيفته طبيعيًا، وينتج عنه بعض الأعراض أشهرها فقدان التوازن.
- أورام الغدة النخامية
يعد ثاني أكثر أنواع أورام المخ شيوعًا، وأكثرها حدوثًا بين النساء أيضًا، إذ يعاني واحد من بين كل خمسة أفراد بالغين من أورام في الغدة النخامية. وتختلف الأعراض الناتجة عنها باختلاف موقع الورم، فالغدة النخامية مسؤولة عن توازن كثير من الهرمونات في جسم الإنسان، لذا قد يؤدي حدوث ورم في الأجزاء المسؤولة عن تلك الوظيفة إلى خلل هرموني في الجسم.
- الورم الدبقي
ينمو الورم الدبقي في الخلايا الدبقية التي تحمي وتحيط بالخلايا العصبية في المخ والنخاع الشوكي، وغالبا يصيب هذا النوع الأطفال والبالغين، لكنه أكثر شيوعًا بين البالغين من الرجال عن النساء.
- الورم القحفي البلعومي
ينمو هذا الورم في مؤخرة المخ بالقرب من الغدة النخامية ويظهر في التشخيص التصويري كأجزاء صلبة وأكياس مملوءة بالسوائل، وهو أكثر شيوعًا بين الأطفال من سن 5-14 عامًا، والكبار فوق سن الـ 45 عامًا.
- الورم الوعائي
يصيب هذا النوع من الأورام الأوعية الدموية الموجودة في المخ أو الجزء الخلفي من العين أو النخاع الشوكي.
أما عن الأساليب المتبعة في علاج ورم الدماغ الحميد فهي بالطبع تختلف باختلاف نوع الورم وحجمه وموقعه، ومدى تأثيره على حياة المريض وجودتها.
أعراض ورم الدماغ الحميد حسب النوع
نظرًا لوجود عدة أنواع لورم الدماغ الحميد حسب موقعه في المخ تختلف الأعراض الناجمة عنه حسب درجة تضرر أجزاء المخ المصابة، لذا نستعرض خلال الفقرات القادمة الأعراض المصاحبة لكافة أنواع ورم الدماغ الحميد.
أعراض الورم السحائي
تصاحب الإصابة بالأورام السحائية الحميدة مجموعة من الأعراض، أهمها:
- الصداع.
- الغثيان والقيء.
- التشنجات العضلية.
- تشوش الرؤية.
- التلعثم في الكلام.
- الارتباك وتغير الشخصية.
- طنين الأذن وضعف السمع أو فقدانه.
- ضعف في العضلات.
أعراض ورم العصب السمعي
تشمل أعراض ورم العصب السمعي ما يلي:
- طنين في الأذن.
- فقدان السمع.
- صعوبة في البلع.
- دوخة ودوار.
- فقدان التوازن.
اقرا ايضا عن اعراض ورم المخ
أعراض أورام الغدة النخامية
تختلف الأعراض الناتجة عن أورام الغدة النخامية حسب الجزء المصاب من الغدة، فإن كان الجزء المصاب بالورم هو المسؤول عن إنتاج بعض الهرمونات فيحدث خلل في توازن الهرمونات في جسم الإنسان، مثل:
- زيادة في هرمون البرولاكتين -هرمون الحليب لدى النساء، فتعاني اضطرابات في دورتها الشهرية أو انقطاعها وتأخر الحمل، أما الرجال فقد يعانون من تضخم الثدي، وهي ظاهرة تسمى التثدي لدى الرجال.
- خلل في هرمون الغدة الغدة الكظرية، فينتج عنه زيادة كبيرة في الوزن.
- زيادة في نشاط الغدة الدرقية يتسبب في فقدان الوزن والتعرق الشديد والعصبية.
وقد يصاحب هذا النوع من الأورام بعض الأعراض الأخرى، مثل:
- الصداع.
- الرؤية المزدوجة أو فقدان البصر.
- ضعف الرغبة الجنسية والعقم.
- زيادة غير مبررة في الوزن.
- تغير في التصرفات والسلوك.
اقرا ايضا عن علاج ورم الغدة النخامية
أعراض الورم الدبقي
- خدر وفقدان الشعور بجانب واحد من الجسم أو الوجه.
- سلس البول.
- فقدان التوازن.
- الصداع والتشنجات العضلية.
أعراض الورم القحفي البلعومي
تشمل أعراض الورم القحفي البلعومي:
- زيادة الوزن.
- صعوبة البلع.
- العطش وكثرة التبول.
- تأخر النمو والبلوغ.
- التعب والصداع، خاصةً في الصباح.
أعراض الورم الوعائي
- ضعف وتنميل في الذراعين والساقين.
- فقدان السيطرة على عمليتي التبول والتبرز.
- صداع ودوخة.
- غثيان وقيء.
- فقدان القدرة على المشي.
- اختلال التوازن.
هل الأعراض كافية لتشخيص ورم الدماغ الحميد؟
قد تتشابه أعراض أورام الدماغ الحميدة مع العديد من الأمراض إلى حد كبير، لذا تكون غير كافية للتشخيص ويعتمد الأطباء على أساليب تشخيصية أكثر دقةً أشهرها:
- الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي اللذان يعرضان صورة مفصلة لأجزاء الجمجمة والمخ.
- الفحص العصبي الذي يقيم الاستجابة الحسية والحركية للخلايا العصبية من خلال مجموعة من الاختبارات، مثل قوة الذراعين والساقين وحاستي السمع والبصر.
- تحاليل الدم أو البول التي تكون لها دلالة على وجود بعض المواد أو الهرمونات التي تفرزها الأورام.
- أخذ عينة، وذلك في حال أثبتت أساليب التشخيص السابقة وجود ورم ما، فتؤخذ العينة للتعرف على نوعه.
الأساليب المتبعة في علاج ورم الدماغ الحميد
تُحدد الخطة العلاجية المناسبة لكل مريض تبعًا لمجموعة من العوامل، أهمها:
- النتائج التي توصل إليها الطبيب من خلال الأساليب التشخيصية المختلفة عن نوع وحجم الورم.
- التاريخ المرضى للمريض.
- عمر المريض.
لذا تشمل الأساليب المتبعة في علاج أورام المخ الآتي:
عملية استئصال ورم الدماغ الحميد بالميكروسكوب الجراحي
قد يظن بعض المرضى أن علاج ورم الدماغ الحميد لا يستدعي الخضوع لتدخل جراحي لكي لا يتسبب في أي خطر على حياة الإنسان كما هو الحال في الأورام الخبيثة.
ولكن يعد الخيار الأول في علاج تلك المشكلة هو خضوع المريض لـ عملية استئصال ورم الدماغ الحميد بالميكروسكوب الجراحي لتخفيف الضغط الواقع من هذا الورم على الجزء المصاب لتحسين جودة حياة المريض، والحد من الأعراض التي تتعارض مع قضائه مهامه اليومية.
حقق الميكروسكوب الجراحي نجاحًا كبيرًا في جراحات المخ والأعصاب بسبب تفاديه كثيرًا من مخاطر الجراحات المفتوحة، وتشمل مميزاته:
- صغر حجم الشق الجراحي، فلا يتعدى 2 سم.
- إزالة جزء بسيط من عظام الجمجمة في أثناء العملية.
- قلة النزيف الناتج عن العملية.
- يتيح الميكروسكوب الجراحي تكبير وتجسيم وإضاءة مميزة لمكان العملية، الأمر الذي يزيد قدرة الجراح على إجراء العملية بكفاءة.
اطلع على عملية استئصال ورم فى المخ
العلاج الإشعاعي
قد تحتاج بعض الحالات التي تعاني من أورام في أجزاء عميقة من المخ لم يتسنَّ للطبيب إزالتها جراحيًا إلى العلاج الإشعاعي للقضاء على المتبقي من الورم والحد من تطوره ونموه مرة أخرى.
العلاج الكيميائي
حالات نادرة من الأورام الحميدة قد تحتاج إلى العلاج الكيميائي للسيطرة على خلايا الورم التي لم تُزال جراحيًا.
فترة التعافي والتأهيل ما بعد عملية استئصال ورم الدماغ
بعد علاج ورم الدماغ الحميد بالتدخل الجراحي يوصي الطبيب بالتأهيل النفسي والجسماني للمريض.
وتشمل خطوات التأهيل ما بعد عملية استئصال ورم الدماغ:
- تقديم الدعم النفسي للمريض وتوعيته بزوال الخطر وسبب الأعراض المزعجة التي كان يعانيها.
- الالتزام بكافة النصائح الخاصة بالنظام الغذائي والأدوية التي يوصي بها الطبيب خلال فترة التعافي.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة والنوم وتجنب القيام بأي مجهود بدني شاق.
- المواظبة على العلاج الطبيعي في الفترة التي يوصي بها الطبيب لتحسين جودة الحياة والحركة.
- الالتزام بمواعيد المتابعة الدورية لدى الطبيب لمتابعة تطور الحالة بعد العملية.
الاسئلة الشائعة عن علاج ورم الدماغ الحميد
ما هي الأثار الجانبية لعملية إستئصال ورم الدماغ؟
عملية استئصال ورم الدماغ كغيرها من العمليات الجراحية التي قد تحاط ببعض المخاطر والمضاعفات نادرة الحدوث، منها:
- العدوى والنزيف.
- تضرر أحد أنسجة المخ المحيطة بالورم عن طريق الخطأ في أثناء عملية الاستئصال.
كم تبلغ نسبة الشفاء من ورم الدماغ الحميد؟
تختلف نسبة الشفاء من ورم الدماغ الحميد تبعًا لعدة عوامل، من أهمها:
- نوع وحجم الورم.
- عمر المريض.
- الحالة الصحية العامة للمريض.
- في أي مرحلة اكتشف المرض ومدى تضرر أنسجة المخ.
ولكن تبعًا لإحصائيات مستشفى 57357 التي رصدتها مؤخرًا عن نسب الشفاء من أورام المخ، قد تصل نسبة الشفاء إلى 64% أو أكثر تبعًا للظروف الصحية لكل حالة.
بعد علاج ورم الدماغ الحميد.. هل يعود مرة أخرى؟
قد يكون هذا السؤال من أكثر الأسئلة التي تشغل بال مرضى أورام المخ بعد الخضوع للعلاج، وتختلف الإجابة عن هذا السؤال تبعًا للإجراء الذي خضع له المريض في علاج ورم الدماغ الحميد.
فقد يتسبب إزالة ورم الدماغ جزئيًا وعدم الحصول على علاج تكميلي للجراحة يحد من نمو تلك الخلايا إلى عودة الورم مرة أخرى، أما إذا حصل المريض على تشخيص سليم لحالته وخطة علاجية متكاملة تضمن القضاء نهائيًا على خلايا الورم تقل نسب عودة الورم مرة أخرى ويتماثل المريض إلى الشفاء التام.